البرنامج الصاروخي خارج المفاوضات هذا ما طلبته إيران من أميركا التاسعة
البرنامج الصاروخي خارج المفاوضات: تحليل لمطلب إيران من أمريكا في الجولة التاسعة
تُعتبر المفاوضات النووية الإيرانية مع القوى العالمية، وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكية، قضية محورية في منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره. وبينما تتركز الأنظار على الملف النووي الإيراني، يبرز موضوع آخر لا يقل أهمية وهو البرنامج الصاروخي الإيراني. هذا البرنامج، الذي لطالما أثار قلق الدول الغربية وحلفائها في المنطقة، كان ولا يزال نقطة خلاف جوهرية في أي حوار أو مفاوضات محتملة. الفيديو المعنون البرنامج الصاروخي خارج المفاوضات هذا ما طلبته إيران من أميركا التاسعة (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=7P8XiwUutnY) يسلط الضوء على هذا الجانب تحديدًا، ويطرح تساؤلات هامة حول موقف إيران ومطالبها في الجولة التاسعة من المفاوضات، والأبعاد الاستراتيجية لهذه المطالب.
خلفية البرنامج الصاروخي الإيراني
قبل الخوض في تفاصيل مطلب إيران بإخراج برنامجها الصاروخي من المفاوضات، من الضروري فهم طبيعة هذا البرنامج وأهميته بالنسبة لإيران. البرنامج الصاروخي الإيراني بدأ في التطور خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، كرد فعل على استخدام العراق للصواريخ ضد المدن الإيرانية. منذ ذلك الحين، استثمرت إيران بشكل كبير في تطوير صواريخها، سواء الصواريخ الباليستية أو الصواريخ المجنحة، قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى. تبرر إيران هذا التطوير بكونه ضرورة للدفاع عن النفس، وردعًا لأي هجوم محتمل من قبل خصومها في المنطقة، وعلى رأسهم إسرائيل والسعودية.
لكن الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، ترى في البرنامج الصاروخي الإيراني تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي. فالصواريخ الإيرانية قادرة على الوصول إلى أهداف بعيدة المدى، ويمكن تزويدها برؤوس حربية غير تقليدية، بما في ذلك الرؤوس النووية. هذا الأمر يثير مخاوف جدية حول قدرة إيران على زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتهديد حلفاء الولايات المتحدة، وحتى تهديد المصالح الأمريكية نفسها.
المفاوضات النووية والبرنامج الصاروخي: علاقة معقدة
خلال المفاوضات النووية التي أدت إلى الاتفاق النووي الإيراني عام 2015 (JCPOA)، تم استبعاد البرنامج الصاروخي الإيراني من نطاق الاتفاق. لكن الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس ترامب، انسحبت من الاتفاق في عام 2018، معتبرةً أنه لا يعالج بشكل كافٍ قضايا أخرى مثيرة للقلق، بما في ذلك البرنامج الصاروخي الإيراني. وبعد انسحاب الولايات المتحدة، فرضت عقوبات جديدة على إيران، تستهدف بشكل خاص برنامجها الصاروخي.
منذ ذلك الحين، تسعى الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس بايدن، إلى العودة إلى الاتفاق النووي، لكنها تصر على ضرورة معالجة قضايا أخرى، بما في ذلك البرنامج الصاروخي الإيراني، في مفاوضات منفصلة أو مكملة. هذا الموقف الأمريكي يهدف إلى تحقيق اتفاق أكثر شمولية، يضمن عدم تهديد إيران للأمن الإقليمي والدولي.
موقف إيران: البرنامج الصاروخي خط أحمر
لطالما أكدت إيران أن برنامجها الصاروخي غير قابل للتفاوض، وأنه حق سيادي لا يمكن المساس به. تعتبر إيران أن البرنامج الصاروخي ضروري للدفاع عن النفس، وأنه لا يشكل تهديدًا لأي دولة ما لم يتم الاعتداء عليها. كما ترفض إيران الربط بين برنامجها الصاروخي والاتفاق النووي، وتعتبر أن الاتفاق النووي يتعلق فقط بالملف النووي الإيراني.
طلب إيران بإخراج برنامجها الصاروخي من المفاوضات في الجولة التاسعة يأتي في سياق هذا الموقف الثابت. إيران تسعى إلى الحصول على ضمانات بأن برنامجها الصاروخي لن يكون موضوعًا للمفاوضات أو العقوبات، وأنها ستتمكن من الاستمرار في تطويره دون قيود. هذا الطلب يمثل تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى، التي تسعى إلى احتواء البرنامج الصاروخي الإيراني.
تحليل الأبعاد الاستراتيجية للمطلب الإيراني
مطلب إيران بإخراج برنامجها الصاروخي من المفاوضات يحمل أبعادًا استراتيجية هامة، يمكن تلخيصها فيما يلي:
- الحفاظ على القدرة الردعية: إيران ترى في البرنامج الصاروخي سلاحًا ردعيًا أساسيًا، يمنع أي هجوم محتمل عليها. التخلي عن هذا البرنامج أو تقييده سيجعل إيران أكثر عرضة للخطر، ويشجع خصومها على مهاجمتها.
- تأكيد السيادة الوطنية: إيران تعتبر أن تطوير برنامجها الصاروخي حق سيادي لا يمكن لأي دولة أن تتدخل فيه. التفاوض على هذا البرنامج سيعتبر تنازلًا عن السيادة الوطنية، وقبولًا بالتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية.
- المساومة على قضايا أخرى: ربما تستخدم إيران مطلبها بإخراج البرنامج الصاروخي من المفاوضات كورقة ضغط، للمساومة على قضايا أخرى في المفاوضات النووية، مثل رفع العقوبات أو الحصول على ضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق مرة أخرى.
- إرسال رسالة إلى الداخل: الموقف المتصلب لإيران بشأن البرنامج الصاروخي يهدف أيضًا إلى إرسال رسالة إلى الداخل، مفادها أن القيادة الإيرانية حريصة على حماية مصالح البلاد، ولا تخضع للضغوط الخارجية.
تداعيات المطلب الإيراني على مستقبل المفاوضات
مطلب إيران بإخراج برنامجها الصاروخي من المفاوضات يضع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى أمام خيارات صعبة. إذا وافقت الولايات المتحدة على هذا المطلب، فإنها ستخاطر بفقدان ورقة ضغط هامة على إيران، وتقويض جهودها لاحتواء البرنامج الصاروخي الإيراني. هذا الأمر قد يشجع إيران على الاستمرار في تطوير صواريخها، وزيادة تهديدها للأمن الإقليمي والدولي.
أما إذا رفضت الولايات المتحدة هذا المطلب، فإنها قد تخاطر بانهيار المفاوضات النووية، واستمرار التوتر في المنطقة. في هذه الحالة، قد تلجأ إيران إلى زيادة تخصيب اليورانيوم، والاقتراب من امتلاك سلاح نووي، مما يزيد من خطر نشوب صراع إقليمي.
الحل الأمثل يكمن في إيجاد حل وسط، يسمح بالعودة إلى الاتفاق النووي، مع إطلاق حوار منفصل حول البرنامج الصاروخي الإيراني. هذا الحوار يجب أن يركز على بناء الثقة، وتحديد القيود الممكنة على تطوير الصواريخ، وضمان عدم تهديد إيران لأمن جيرانها. لكن تحقيق هذا الحل الوسط يتطلب إرادة سياسية قوية من جميع الأطراف، وتنازلات متبادلة.
خلاصة
البرنامج الصاروخي الإيراني يمثل تحديًا كبيرًا للأمن الإقليمي والدولي. مطلب إيران بإخراج هذا البرنامج من المفاوضات النووية يعكس تصميمها على الحفاظ على قدرتها الردعية، وتأكيد سيادتها الوطنية. لكن هذا المطلب يضع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى أمام خيارات صعبة، قد تؤثر على مستقبل المفاوضات النووية، والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. يبقى الأمل معلقًا على إيجاد حل وسط، يسمح بالعودة إلى الاتفاق النووي، مع معالجة قضية البرنامج الصاروخي الإيراني بطريقة بناءة وسلمية.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة